السلام عليكم ،
يا محبي الآلات الميكانيكية الدقيقة ، مثل ساعة الجيب التي ترون
صورتها أدناه ، استمتعوا بالنظر إليها وإلى دقة صناعتها وجمال تصميمها من داخلها
ومن خارجها .
في المرة السابقة أرفقت لكم صورة لها لكن هذه الصورة أجمل واروع ،
وتبين المظهر الخارجي أيضا .
صنعت هذه الساعة الفريدة تماما من قبل شركة أمريكية
عام 1872 اسمها WALTHAM .
جهاز الساعة يحتوي على 17 حجرا ثمينا كل واحد داخل
إطار من الذهب، وقد بينت لكم سابقا فائدة الأحجار ، أما واقي الصدمات الذي يحمي
محور عجلة التوازن من الكسر عند الصدمات فلم يكن قد اخترع بعد . الصفائح التي ترتكز
بينها مسننات الساعة وباقي القطع صنعت من الكريستال .
العجلات المسننة صنعت من
الذهب الصلب ، وكذلك معظم قطعها ، إلا التي لا تصلح أن تصنع من الذهب لأجل حساب
المتانة . الغلاف الخارجي كله من الذهب . ميناء الساعة من البورسلان . العقارب من
فولاذ خاص ، وشكل طباعة الأرقام العربية على الميناء متقن إلى أبعد الحدود في ذلك
الزمن القديم الذي صنعت فيه . ومن الجدير بالذكر أن هذه الساعة هي الوحيدة التي
صنعتها الشركة بهذه المواصفات . هذا غيض من فيض كمايقال ، من الحديث عن هذه التحفة
النادرة .
يقول أصحابها : إذا كنت ترغب في تزيين المجموعة التي تقتنيها من
الساعات المتفردة فاشتر هذه الساعة ، ولكن عليك ان تدفع مصاريف الشحن بالإضافة إلى
نصف مليون دولار فقط لتمتلكها !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الساعة الذرية
دقة
الساعات الذرية في قياس الوقت وضبطه تفوق ما سبقها من الساعات بما فيها ساعات
الكوارتز بشكل يعجز الواحد منا عن تخيله . وما دام عدد الترددات في مرنان الساعة هو
الذي يحدد دقتها فإن مرنان الساعة الذرية التي تعتمد على ذبذبة ذرات السيزيوم 133 ،
وهو من نظائر عنصر السيزيوم ، إن هذا المرنان يتذبذب في الثانية الواحدة عددا هائلا
جدا جدا من الذبذبات ، وهو يبلغ بالضبط المقدار 9,162,613,770 ، وهذا هو تعريف زمن
الثانية الواحدة المعتمد دوليا . وأذكر اني قرأت مرة في مقالة علمية في إحدى أعداد
مجلة العربي القديمة عن تردد ذبذبة نواة ذرة الآزوت بأنه يبلغ أكثر من أربع وعشرين
ألف مليون ذبذبة في الثانية الواحدة ، أي ضعفين ونصف تقريبا من ذرة السيزيوم إلا أن
السيزيوم يكفينا وزيادة ، على الأقل في أيامنا هذه ، ما دامت دقة الضبط فيه لا
تتعدى الثانية الواحدة زيادة او نقصا كل مليون سنة . وإن قرأ أحدنا عن الساعة
الذرية السيزيومية من أنها تفقد او تكسب ثانية واحدة كل 300 سنة فإن هذا كان في
بداية صناعة هذا النوع من الساعات في خمسينات القرن العشرين (1956) ، ولم تكن
الوسائل المعتمدة للانتفاع بذبذبة ذرة السيزيوم مثل ما هي عليه اليوم.
وإتماما
للفائدة ، إليكم صورا وشرحا عن ساعة السيزيوم 133 :
داخل ساعة السيزيوم ، تـُسخّن ذرات السيزيوم 133 في فرن cesium
oven تتحول فيه إلى غاز . بعد ذلك تغادر ذرات الغاز الفرن بشكل حزمة من شعاع
السيزيوم الذري cesium atom beamبسرعة عالية جدا متجهة إلى زوج من المغناطيسات a
pair of magnets . تقوم المغناطيسات هذه بفصل الذرات طبقا لأي منها يقوم بامتصاص
الطاقة ، وأي منها يقوم بتحرير الطاقة . الذرات التي يمكنها امتصاص الطاقة تـُساقُ
عبر فجوة ميكروموجيّة microwave cavity حيث تـُعرّض لإشعاع ذي تردد يساوي العدد
9,162,613,770 من الذبذبات في كل ثانية ، والذي هو تردد الإشعاع المنبعث أو الممتص
من قِبَل ذرة السيزيوم 133 عندما يقفز من مستوى طاقة إلى مستوى طاقة آخر . بعض
الذرات تمتص الطاقة من الموجات الميكرونية . هذه الذرات تـُساق بعد ذلك وتـُدفع
بوساطة مجموعة من المغناطيسات التي توجهها وتدفعها إلى كاشفDETECTOR . هذا الكاشف
متصل بجهاز يقوم بالتغذية المرتدة أو العكسية feed back والتي تتناغم تردداتها مع
ترددات الإشعاع لذرات السيزيوم عاملة على تكبيرها عدديا ، ممكـّنة إياها من الوصول
إلى الكاشف . وعندما تتوافق
الترددات الميكروموجية مع ترددات ذرات السيزيوم
فإنها تقسّم إلى تردد يمكنه القيام بضبط الوقت بدقة هائلة . في النهاية تصل هذه
البذبة البالغة الدقة إلى شاشة العرض الرقمية digital display التي تمكننا من قراءة
ذلك الوقت المضبوط .
إن دقة الساعة الذرية يحتاجها العلم حاجة ماسة فيما يتعلق
بالعلوم الطبيعية والحيوية المتعددة ، وبشكل خاص فيما يتعلق بالنانو تكنولوجي
وغيرها ، ومن محاولات إثبات نظريات علمية يكون حساب الزمن فيها دقيقا إلى أبعد حدود
الدقة . في نسبية آينشتين يكون حساب زمن حركة الجسيمات الذرية عند تسريعها في
السيكلوترونات مهم جدا لنعلم صدق أقوال آينشتين من بطلانها فيما يتعلق بزيادة
الكتلة بزيادة السرعة ، وتباطؤ الزمن عند السرعات العالية .
بالحديث عن الساعة
الذرية نكون قد انتهينا من الحديث عن قياس الزمن عبر رحلة فيه تعمدت أن تكون مختصرة
ما امكن ، وتوخيت التركيز على أهمية عدد الذبذبات في ضبط الوقت وحسابه . هذا ، ولقد
رأيت أن أخصص الموضوع القادم لنبذة تبين التطور التاريخي لأدوات قياس الزمن ،
وكأنها ملخص سريع لما كتبته من مقالات حول هذا الموضوع .
إلى اللقاء في المرة
القادمة بعون الله
يا محبي الآلات الميكانيكية الدقيقة ، مثل ساعة الجيب التي ترون
صورتها أدناه ، استمتعوا بالنظر إليها وإلى دقة صناعتها وجمال تصميمها من داخلها
ومن خارجها .
في المرة السابقة أرفقت لكم صورة لها لكن هذه الصورة أجمل واروع ،
وتبين المظهر الخارجي أيضا .
صنعت هذه الساعة الفريدة تماما من قبل شركة أمريكية
عام 1872 اسمها WALTHAM .
جهاز الساعة يحتوي على 17 حجرا ثمينا كل واحد داخل
إطار من الذهب، وقد بينت لكم سابقا فائدة الأحجار ، أما واقي الصدمات الذي يحمي
محور عجلة التوازن من الكسر عند الصدمات فلم يكن قد اخترع بعد . الصفائح التي ترتكز
بينها مسننات الساعة وباقي القطع صنعت من الكريستال .
العجلات المسننة صنعت من
الذهب الصلب ، وكذلك معظم قطعها ، إلا التي لا تصلح أن تصنع من الذهب لأجل حساب
المتانة . الغلاف الخارجي كله من الذهب . ميناء الساعة من البورسلان . العقارب من
فولاذ خاص ، وشكل طباعة الأرقام العربية على الميناء متقن إلى أبعد الحدود في ذلك
الزمن القديم الذي صنعت فيه . ومن الجدير بالذكر أن هذه الساعة هي الوحيدة التي
صنعتها الشركة بهذه المواصفات . هذا غيض من فيض كمايقال ، من الحديث عن هذه التحفة
النادرة .
يقول أصحابها : إذا كنت ترغب في تزيين المجموعة التي تقتنيها من
الساعات المتفردة فاشتر هذه الساعة ، ولكن عليك ان تدفع مصاريف الشحن بالإضافة إلى
نصف مليون دولار فقط لتمتلكها !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الساعة الذرية
دقة
الساعات الذرية في قياس الوقت وضبطه تفوق ما سبقها من الساعات بما فيها ساعات
الكوارتز بشكل يعجز الواحد منا عن تخيله . وما دام عدد الترددات في مرنان الساعة هو
الذي يحدد دقتها فإن مرنان الساعة الذرية التي تعتمد على ذبذبة ذرات السيزيوم 133 ،
وهو من نظائر عنصر السيزيوم ، إن هذا المرنان يتذبذب في الثانية الواحدة عددا هائلا
جدا جدا من الذبذبات ، وهو يبلغ بالضبط المقدار 9,162,613,770 ، وهذا هو تعريف زمن
الثانية الواحدة المعتمد دوليا . وأذكر اني قرأت مرة في مقالة علمية في إحدى أعداد
مجلة العربي القديمة عن تردد ذبذبة نواة ذرة الآزوت بأنه يبلغ أكثر من أربع وعشرين
ألف مليون ذبذبة في الثانية الواحدة ، أي ضعفين ونصف تقريبا من ذرة السيزيوم إلا أن
السيزيوم يكفينا وزيادة ، على الأقل في أيامنا هذه ، ما دامت دقة الضبط فيه لا
تتعدى الثانية الواحدة زيادة او نقصا كل مليون سنة . وإن قرأ أحدنا عن الساعة
الذرية السيزيومية من أنها تفقد او تكسب ثانية واحدة كل 300 سنة فإن هذا كان في
بداية صناعة هذا النوع من الساعات في خمسينات القرن العشرين (1956) ، ولم تكن
الوسائل المعتمدة للانتفاع بذبذبة ذرة السيزيوم مثل ما هي عليه اليوم.
وإتماما
للفائدة ، إليكم صورا وشرحا عن ساعة السيزيوم 133 :
داخل ساعة السيزيوم ، تـُسخّن ذرات السيزيوم 133 في فرن cesium
oven تتحول فيه إلى غاز . بعد ذلك تغادر ذرات الغاز الفرن بشكل حزمة من شعاع
السيزيوم الذري cesium atom beamبسرعة عالية جدا متجهة إلى زوج من المغناطيسات a
pair of magnets . تقوم المغناطيسات هذه بفصل الذرات طبقا لأي منها يقوم بامتصاص
الطاقة ، وأي منها يقوم بتحرير الطاقة . الذرات التي يمكنها امتصاص الطاقة تـُساقُ
عبر فجوة ميكروموجيّة microwave cavity حيث تـُعرّض لإشعاع ذي تردد يساوي العدد
9,162,613,770 من الذبذبات في كل ثانية ، والذي هو تردد الإشعاع المنبعث أو الممتص
من قِبَل ذرة السيزيوم 133 عندما يقفز من مستوى طاقة إلى مستوى طاقة آخر . بعض
الذرات تمتص الطاقة من الموجات الميكرونية . هذه الذرات تـُساق بعد ذلك وتـُدفع
بوساطة مجموعة من المغناطيسات التي توجهها وتدفعها إلى كاشفDETECTOR . هذا الكاشف
متصل بجهاز يقوم بالتغذية المرتدة أو العكسية feed back والتي تتناغم تردداتها مع
ترددات الإشعاع لذرات السيزيوم عاملة على تكبيرها عدديا ، ممكـّنة إياها من الوصول
إلى الكاشف . وعندما تتوافق
الترددات الميكروموجية مع ترددات ذرات السيزيوم
فإنها تقسّم إلى تردد يمكنه القيام بضبط الوقت بدقة هائلة . في النهاية تصل هذه
البذبة البالغة الدقة إلى شاشة العرض الرقمية digital display التي تمكننا من قراءة
ذلك الوقت المضبوط .
إن دقة الساعة الذرية يحتاجها العلم حاجة ماسة فيما يتعلق
بالعلوم الطبيعية والحيوية المتعددة ، وبشكل خاص فيما يتعلق بالنانو تكنولوجي
وغيرها ، ومن محاولات إثبات نظريات علمية يكون حساب الزمن فيها دقيقا إلى أبعد حدود
الدقة . في نسبية آينشتين يكون حساب زمن حركة الجسيمات الذرية عند تسريعها في
السيكلوترونات مهم جدا لنعلم صدق أقوال آينشتين من بطلانها فيما يتعلق بزيادة
الكتلة بزيادة السرعة ، وتباطؤ الزمن عند السرعات العالية .
بالحديث عن الساعة
الذرية نكون قد انتهينا من الحديث عن قياس الزمن عبر رحلة فيه تعمدت أن تكون مختصرة
ما امكن ، وتوخيت التركيز على أهمية عدد الذبذبات في ضبط الوقت وحسابه . هذا ، ولقد
رأيت أن أخصص الموضوع القادم لنبذة تبين التطور التاريخي لأدوات قياس الزمن ،
وكأنها ملخص سريع لما كتبته من مقالات حول هذا الموضوع .
إلى اللقاء في المرة
القادمة بعون الله